فصل: البلاغة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.الإعراب:

{وَ لا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ} الواو عاطفة والكلام معطوف على المفهوم من قوله: فسيروا، ولا ناهية وتهنوا فعل مضارع مجزوم بلا ولا تحزنوا عطف أيضا وأنتم الواو حالية وأنتم ضمير منفصل في محل رفع مبتدأ والأعلون خبره مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم والجملة نصب على الحال {إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} إن شرطية وكان فعل ماض ناقص في محل جزم فعل الشرط والتاء اسمها ومؤمنين خبرها وجواب الشرط محذوف دل عليه ما قبله أي فلا تهنوا وجملة الشرط استئنافية {إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ} كلام مستأنف مسوق لتسلية المؤمنين أيضا، وإن شرطية ويمسسكم فعل الشرط والكاف مفعول به وقرح فاعل يمسسكم وجواب الشرط محذوف أي فتأسوا وتسلوا. ومن أعرب فقد مس القوم هو الجواب غلط لأن الماضي معنى لا يكون جوابا، والتعليق لا يكون إلا في المستقبل.
فقد الفاء عاطفة وقد حرف تحقيق ومس القوم عطف على الجواب المحذوف ومس فعل ماض والقوم مفعول به مقدم وقرح فاعل مؤخر ومثله نعت. لقرح {وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُداوِلُها بَيْنَ النَّاسِ} الواو استئنافية واسم الإشارة مبتدأ والأيام بدل منه وجملة نداولها خبر والهاء مفعول به وبين الناس ظرف مكان متعلق بنداولها. ويجوز إعراب الأيام خبرا لاسم الإشارة وجملة نداولها حالية والعامل فيها معنى اسم الإشارة أي يشير إليها حالة كونها مداولة {وَلِيَعْلَمَ الله الَّذِينَ آمَنُوا} الواو عاطفة على المعلل المحذوف، والتقدير فعلنا ذلك ليتعظوا، وليعلم اللام للتعليل ويعلم فعل مضارع منصوب بأن مضمرة والله فاعل والذين اسم موصول مفعول به وآمنوا فعل ماض مبني على الضم والجملة صلة {وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَداءَ} الواو عاطفة ويتخذ فعل مضارع معطوف على يعلم ومنكم جار ومجرور متعلقان بيتخذ أو بمحذوف حال لأنه كان في الأصل صفة لشهداء وشهداء مفعول به {وَالله لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ} الواو اعتراضية والجملة معترضة بين هذه العلل المتعاقبة والله مبتدأ وجملة لا يحب الظالمين خبر {وَلِيُمَحِّصَ الله الَّذِينَ آمَنُوا} الجملة معطوفة على العلل المتقدمة والله فاعل والذين اسم موصول مفعول به وجملة آمنوا صلة {وَيَمْحَقَ الْكافِرِينَ} عطف على ما سبق من العلل.

.[سورة آل عمران: الآيات 142- 143]

{أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ الله الَّذِينَ جاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ (142) وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ (143)}.

.الإعراب:

{أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ} أم عاطفة منقطعة بمعنى بل، وقد تقدم بحثها، والكلام معطوف على ما تقدم على طريق الإضراب عن التسلية إلى طريق التوبيخ، والهمزة التي في ضمنها للإنكار، وحسب فعل ماض بمعنى ظن والتاء فاعل وأن وما بعدها سدت مسد مفعوليها، والمعنى: لا تحسبوا أو لا يدر بخلد أحد منكم أنكم تدخلون الجنة من دون جهاد وصبر، والجنة مفعول به على السعة أو منصوب بنزع الخافض {وَلَمَّا يَعْلَمِ الله الَّذِينَ جاهَدُوا مِنْكُمْ} الواو حالية ولما جازمة ويعلم فعل مضارع مجزوم والله فاعل والذين اسم موصول مفعول به وجملة جاهدوا صلة لا محل لها ومنكم جار ومجرور متعلقان بمحذوف حال والجملة نصب على الحال {وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ} قرأ السبعة بفتح الميم، فالواو للمعية ويعلم فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعد واو المعية والفاعل هو والصابرين مفعول به وقد تقدم النفي عليها ونفي العلم بالنسبة إلى الله كناية عن نفي المعلوم وهما الجهاد والصبر.
ومن العجيب أن يتنطع بعض المعربين القدامى فيقول: إن الفتحة فتحة التقاء الساكنين والفعل مجزوم عطفا على يعلم الأولى، فلما وقع بعده ساكن آخر احتيج إلى تحريك آخره فكانت الفتحة أولى لأنها أخف، إذ لا يجوز حمل القرآن على الوجوه المرجوحة {وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ} الواو استئنافية واللام جواب لقسم محذوف وقد حرف تحقيق وكنتم كان الناقصة واسمها، وجملة تمنون خبرها وأصل تمنون تتمنون فحذفت إحدى التاءين والموت مفعول به من قبل جار ومجرور متعلقان بتمنون وأن تلقوه أن حرف مصدري ونصب وتلقوه فعل مضارع منصوب بأن وعلامة نصبه حذف النون والواو فاعل والهاء مفعول به والمصدر المؤول مضاف إليه {فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ} الفاء عاطفة وقد حرف تحقيق وأيتموه فعل وفاعل ومفعول به والواو لإشباع الضمة وأنتم الواو حالية وأنتم مبتدأ وجملة تنظرون خبر ولابد من تقدير مضاف أي: سبب الموت.

.الفوائد:

كان المسلمون في الصدر الأول يتمنون الموت لا ليخلو الجو لعدوهم ولكن لنيل كرامة الاستشهاد مع ضمان التفوق والغلبة، وهذا تنبيه لابد منه لئلا يتساءل متنطع: كيف يجوز تمني الشهادة في تمنيها غلبة للكافر على المسلم، فقد كان ديدن الصحابة رضوان الله عليهم الاستشهاد في سبيل الله ولا ننسى بكاء خالد بن الوليد عند ما حضره الموت، لأنه مات على فراشه؟ وقال عبد الله بن رواحة حين نهد إلى حرب مؤتة:
لكنني أسأل الرحمن مغفرة ** وضربة ذات فرغ تقذف الزبدا

أو طعنة بيدي حران مجهزة ** بحربة تنفذ الأحشاء والكبدا

حتى يقولوا إذا مروا على جدثي ** أرشدك الله من غاز وقد رشدا

ومعنى قوله: ذات فرغ أي: ذات سعة، والفرغ الدلو، أي: تحدث في جسمي ما يشبه الدلو الممتلئة بالماء. والحران: العطشان الظامئ إلى دمي.

.[سورة آل عمران: آية 144]

{وَما مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ الله شَيْئًا وَسَيَجْزِي الله الشَّاكِرِينَ (144)}.

.اللغة:

(الأعقاب) جمع عقب وهو مؤخر القدم، والانقلاب على الأعقاب: الإدبار والفرار.

.الإعراب:

{وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ} الواو استئنافية والكلام مستأنف مسوق لبيان أن موت محمد صلى الله عليه وسلم أو قتله لا يوجب ضعفا أو تراخيا في دينه. وما نافية ومحمد مبتدأ وإلا أداة حصر ورسول خبر {قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ} الجملة صفة لرسول وقد حرف تحقيق وخلت فعل ماض مبني على الفتحة المقدرة على الألف المحذوفة لالتقاء الساكنين ومن قبله جار ومجرور متعلقان بخلت والرسل فاعل {أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ} الهمزة للاستفهام الإنكاري والفاء للعطف وقد أتت متأخرة ورتبتها التقديم لأن الهمزة لها الصدارة، وقد ذكرنا سابقا أن الزمخشري ومن نحا نحوه يقدرون بينهما فعلا محذوفا تعطف عليه الفاء ما بعدها، والتقدير: أتؤمنون به في غضون حياته فإن مات ارتددتم، وكلاهما صحيح. وفائدة العطف تعلق الجملة الشرطية بما قبلها على معنى التسبب، وإن شرطية ومات فعل ماض في محل جزم فعل الشرط أو قتل عطف على مات وانقلبتم فعل ماض في محل جزم جواب الشرط وعلى أعقابكم جار ومجرور متعلقان بمحذوف حال، وسيأتي المزيد من البحث في باب البلاغة عن هذا القصر {وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ الله شَيْئًا} الواو استئنافية ومن شرطية مبتدأ وينقلب فعل الشرط وعلى عقبيه جار ومجرور متعلقان بمحذوف حال والفاء رابطة لجواب الشرط ويضر فعل مضارع منصوب بلن والله مفعول به وشيئا مفعول مطلق وجملة فلن يضر في محل جزم جواب الشرط وفعل الشرط وجوابه في محل رفع خبر من {وَسَيَجْزِي الله الشَّاكِرِينَ} الواو استئنافية ويجزي فعل مضارع مرفوع والله فاعل والشاكرين مفعول به.

.البلاغة:

في قوله: {وما محمد إلا رسول} فن القصر وهو في اللغة الحبس، وفي الاصطلاح تخصيص أحد الأمرين على الآخر ونفيه عما عداه وهو يقع للموصوف على الصفة وبالعكس، والآية من النوع الأول أي أن محمدا صلى الله عليه وسلم مقصور على الرسالة لا يتعداها إلى البعد عن الهلاك بناء على استعظام الصحابة أن لا يبقى رسول الله صلى الله عليه وسلم لهم فكأنهم أثبتوا له وصفين: الرسالة وعدم الهلاك، فخصص بقصره على الرسالة، فهو من إخراج الكلام لا على مقتضى الظاهر، وهو قصر إفراد، ردا على من يدعي أمرين أو أحدهما بلا ترجيح، وهو على كل حال من باب القصر القلبي، لأنهم لما انقلبوا على أعقابهم فكأنهم اعتقدوا أنه رسول لا كسائر الرسل في أنه يموت كما ماتوا وأنه يجب عليهم التمسك بدينه بعده كما يجب التمسك بأديانهم بعدهم.

.[سورة آل عمران: آية 145]

{وَما كانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلاَّ بِإِذْنِ الله كِتابًا مُؤَجَّلًا وَمَنْ يُرِدْ ثَوابَ الدُّنْيا نُؤْتِهِ مِنْها وَمَنْ يُرِدْ ثَوابَ الْآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْها وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ (145)}.

.اللغة:

{مُؤَجَّلًا} مؤقتا لا يتقدم ولا يتأخر، من أجل الشيء أو أجله بالتشديد والتخفيف، أي ضرب له أجلا لا محيد عنه.

.الإعراب:

{وَ ما كانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ الله} كلام مستأنف مسوق لتحقيق ما تقدم وهو أن كل نفس لن تموت إلا بمشيئة الله وأن أحدا لا يموت قبل بلوغ أجله وإن طوح بنفسه وخاض المعارك. والواو استئنافية وما نافية وكان فعل ماض ناقص ولنفس جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر كان المقدم وأن تموت المصدر المنسبك من أن وما في حيزها اسمها المؤخر وإلا أداة حصر وبإذن الله جار ومجرور متعلقان بمحذوف حال وهو استثناء مفرغ من أعم الأحوال والتقدير: وما كان لها أن تموت إلا مأذونا لها {كِتابًا مُؤَجَّلًا} كتابا مصدر منصوب على المفعولية المطلقة المفيدة لتأكيد مضمون الجملة التي قبله لأن المعنى كتب الموت كتابا ومؤجلا صفة واختار ابن عطية أن يكون منصوبا على التمييز، وقيل: هو منصوب على الإغراء ولا داعي لهذا التكلف البعيد {وَمَنْ يُرِدْ ثَوابَ الدُّنْيا نُؤْتِهِ مِنْها} الواو استئنافية والجملة مستأنفة مسوقة للحديث عن الذين تركوا مراكزهم وطلبوا الغنائم ومن شرطية في محل رفع مبتدأ ويرد فعل الشرط وثواب الدنيا مفعول به ونؤته جواب الشرط وعلامة جزمه حذف حرف العلة والهاء مفعول به وجملة فعل الشرط وجوابه خبر من وقد تقدم تقرير ذلك وفيها جار ومجرور متعلقان بنؤته {وَمَنْ يُرِدْ ثَوابَ الْآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْها} تقدم إعراب هذه الآية: {وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ} الواو استئنافية وسنجزي فعل مضارع مرفوع وفاعله نحن والشاكرين مفعول به والجملة استئنافية لا محل لها.

.[سورة آل عمران: آية 146]

{وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَما وَهَنُوا لِما أَصابَهُمْ فِي سَبِيلِ الله وَما ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكانُوا وَالله يُحِبُّ الصَّابِرِينَ (146)}.

.اللغة:

{رِبِّيُّونَ} ربانيون نسبة إلى الرب، وقد تقدم بحثها ووردت في اللغة بتثليث الراء والفتح هو القياس والضم والكسر من تغييرات النسب.
{اسْتَكانُوا}: ضعفوا وذلوا والاستكانة الانكسار والوهن وأصل هذا الفعل استكن من السكون لأن السكون الذل وأصله: (استكون) فنقلت الفتحة إلى الكاف ثم قلبت الواو ألفا.

.الإعراب:

{وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ} كأين خبرية بمعنى كم الخبرية وهي في محل رفع مبتدأ ومن نبي تمييز كأين وتنوينه للتكثير أي كثير من الأنبياء وجملة قاتل خبر كأين ومعه ظرف مكان متعلق بمحذوف خبر مقدم وربيون مبتدأ مؤخر والجملة الاسمية نصب على الحال {فَما وَهَنُوا لِما أَصابَهُمْ فِي سَبِيلِ الله} الفاء عاطفة وما نافية ووهنوا فعل ماض مبني على الضم والواو فاعل ولما اللام حرف جر وما اسم موصول في محل جر باللام والجار والمجرور متعلقان بوهنوا وجمله أصابهم صلة وفي سبيل الله جار ومجرور متعلقان بمحذوف حال ولك أن تجعل ما مصدرية والمصدر المنسبك من ما وما في حيزها مجرور باللام {وَما ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكانُوا} عطف على ما وهنوا.
{وَالله يُحِبُّ الصَّابِرِينَ} الواو استئنافية والله مبتدأ وجملة يحب الصابرين خبر.

.الفوائد:

{كَأَيِّنْ} بمعنى كم في الاستفهام والخبر. وهي مركبة من كاف التشبيه ومن أي الاستفهامية وقد حدث فيها بعد التركيب معنى التكثير المفهوم من كم الخبرية، ولا تتعلقان بشيء لأنهما صارتا بمنزلة كلمة واحدة ولذلك رأى أبو حيان أن تكون {كأين} كلمة بسيطة غير مركبة، ولم أجد من يؤيده وإن كان رأيه جميلا سهلا وهي توافق كم الخبرية في خمسة أمور:
1- الإبهام.
2- الافتقار إلى التمييز.
3- البناء.
4- لزوم التصدير.
5- إفادة التكثير أو التكثير تارة والاستفهام تارة أخرى.
قال أبي لابن مسعود كأين تقرأ سورة الأحزاب آية؟ قال: ثلاثا وسبعين. وتخالف كم في خمسة أمور:
1- أنها مركبة وكم بسيطة.
2- أن مميزها مجرور بمن غالبا حتى زعم بعضهم لزومه وهو مردود بما رواه سيبويه ويونس أنهما سمعا من يقول كأي رجلا.
3- أنها لا تقع استفهامية عند الجمهور.
4- أنها لا تقع مجرورة فلا تقول بكأين تبيع هذا؟ وأجازه بعضهم.
5- أن خبرها لا يقع مفردا، قال زهير:
وكائن ترى من صامت لك معجب ** زيادته أو نقصه في التكلم

وقال الخليل وسيبويه: هي أي دخلت عليها كاف التشبيه وثبتت معها فصارت بعد التركيب بمعنى كم وصورت في المصحف نونا لأنها كلمة نقلت عن أصلها فغير لفظها لتغير معناها، فتصرفت فيها العرب بالقلب والحذف فصار فيها أربع لغات قرئ بها: إحداها كائن كقول زهير، والثانية كأي مثل كعيّن وهو الأصل، والثالثة كأين مثل كعين، والرابعة كيئن بياء ساكنة بعدها همزة مكسورة.

.[سورة آل عمران: الآيات 147- 148]

{وَما كانَ قَوْلَهُمْ إِلاَّ أَنْ قالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا وَإِسْرافَنا فِي أَمْرِنا وَثَبِّتْ أَقْدامَنا وَانْصُرْنا عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ (147) فَآتاهُمُ الله ثَوابَ الدُّنْيا وَحُسْنَ ثَوابِ الْآخِرَةِ وَالله يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (148)}.

.الإعراب:

{وَما كانَ قَوْلَهُمْ إِلَّا أَنْ قالُوا} الواو عاطفة والكلام معطوف على ما تقدم لبيان محاسنهم القولية بعد أن أثبتوا محاسنهم الفعلية، وما نافية وكان فعل ماض ناقص وقولهم خبرها المقدم واسمها أن المصدرية وما في حيزها، وقرأ ابن كثير وعاصم برفع {قولهم} على أنه اسم كان والخبر أن وما في حيزها، وإلا أداة حصر والاستثناء مفرغ من أعم الأشياء {رَبَّنَا اغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا وَإِسْرافَنا فِي أَمْرِنا} ربنا منادى مضاف محذوف منه حرف النداء وجملة اغفر في محل نصب مقول القول ولنا جار ومجرور متعلقان باغفر وذنوبنا مفعول به وإسرافنا عطف عليه، في أمرنا جار ومجرور متعلقان باسرافنا وإنما نسبوا الإسراف إلى أنفسهم هضما لها وقدموا طلب الغفران باعتباره أهم لديهم من كل شيء {وَثَبِّتْ أَقْدامَنا وَانْصُرْنا عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ} الواو حرف عطف وثبت فعل دعاء وأقدامنا مفعول به وانصرنا عطف أيضا وعلى القوم جار ومجرور متعلقان بانصرنا والكافرين صفة {فَآتاهُمُ الله ثَوابَ الدُّنْيا} الفاء عاطفة أو استئنافية وآتاهم الله فعل ومفعول به وفاعل وثواب الدنيا مفعول به ثان {وَحُسْنَ ثَوابِ الْآخِرَةِ} الواو حرف عطف وحسن عطف على ثواب، وإنما خص ثواب الآخرة بالحسن تنويها بفضله وأنه أولى ما يعتد به المرء وينشده {وَالله يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} الواو استئنافية والله مبتدأ وجملة يحب المحسنين خبر.